بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمت الله وبركاته
حبيت اقدملكم هالموضوع وان شاء الله ينال اعجابكم
خباب بن الأرت كان مع الذين أعلنوا إسلامهم رضي الله عنه، وهو من المستضعفين . ففي رواية عن مجاهد : «أول من أظهر إسلامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وخباب وبلال وصهيب وعمار». وأما ابن إسحاق فذكر إسلام خباب بعد تسعة عشر إنسانا وأنه كمل العشرين .
ولا بد إذن من عرض جانب من معاناته رضي الله عنه حيث ذكر في هذا النص أنه أحد السبعة بدل المقداد.
روى البراذلي؛ عن أبي صالح؛ قال: «كان خباب قينا؛ وكان قد أسلم. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يألفه ويأتيه؛ فأخبرت بذلك مولاته ، فكانت تأخذ الحديدة وقد أحمتها فتضعها على رأسه . فشكا ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. فقال: «اللهم انصر خباباً» فاشتكت مولاته رأسها وهي أم أنمار ؛ فكانت تعوي مع الكلاب ؛ فقيل لها : اكتوي فكان خباب يأخذ الحديدة قد أحماها فيكوي بها رأسها [ أنساب الأشراف للبلاذري 1/177].
وعند عمر رضي الله عنه تسبر الرجال ( فعن مجاهد ؛ عن الشعبي قال : دخل خباب بن الأرت على عمر بن الخطاب؛ فأجلسه على متكئه؛ وقال: ما أحد على ظهر الأرض أحق بهذا المجلس من هذا إلا رجل واحد. فقال له خباب: ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال: بلال . قال خباب : يا أمير المؤمنين ما هو بأحق مني ؛ إن بلالاً كان له في المشركين من يمنعه الله به، ولم يكن لي أحد يمنعني، فقد رأيتني يوما أخذوني وأوقدوا لي ناراً ثم سلقوني فيها ، ثم وضع رجل رجله على صدري ؛ فما اتقيت الأرض إلا بظهري. قال : ثم كشف عن ظهري فإذا هو قد برص![ الطبقات الكبرى لابن سعد 3/165].
وحين اشتد البلاء على خباب ولا ناصر له ينصره ؛ وليس له من دون الله من ولي ولا شفيع ؛ فكان أن شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعانيه، وطلب منه عليه الصلاة والسلام أن يدعو لهم ربهم أو يهلك عدوهم ، فيختصر المسلمون الطريق ، ويتم النصر على العدو بتوفير هذه الآلام .
يحدثنا خباب عن ذلك فيقول : (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تدعو الله لنا ؟ ألا تستنصر لنا ؟ فجلس محمراً لونه أو وجهه فقال لنا : « لقد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض؛ ثم يجاء بمنشار فيجعل فوق رأسه ثم يجعل بفرقتين ما يصرفه عن دينه ؛ ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ما يصرفه عن دينه ؛ والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله ؛ ولكنكم تتعجلون» [حديث صحيح أخرجه محمد بن إسماعيل البخاري] [ شرح السنة للبغوي 13/ 335 ].
وجاءت هذه الظاهرة من المنهج التربوي للقيادات ذات دلالات عدة:
1- فقد اشتد الضغط والبلاء والتعذيب على المسلمين ؛ وعلى الغالب أن هذا الأمر قد تم في وقت متأخر حين صار المسلمون قادرين على التحلق حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل الكعبة . وذلك بعد إسلام عمر رضي الله عنه ، وقد مر على خباب رضي الله عنه السنوات الطوال وهو مقيم على هذا الابتلاء .
2- وتصور هذا الجيل الرائد عن النصر أنه مرتبط بدعاء نبوي ، ورفع البلاء مرتبط بدعاء نبوي ، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصحح هذا التصور عند هذا الجيل ، فالله تعالى ينصر نبيه ودينه لو دعاه.
ولكن آثار هذا النصر تكون هشة وبناء العناصر الأولى كذلك ؛ فإنه سرعان ما ينهار هذا النصر تحت أي مطرقة. وليست هذه سنة الله في الدعوات ، فسنته تعالى في الدعوات أن تصبر النماذج العظيمة وتتحمل الأذى في سبيل الله ويمسها البأساء والضراء ، وتضيق بها السبل حتى يكون بناؤها متيناً قوياً محكماً صلباً ، ولهذا كان التوجيه النبوي لهذه الظاهرة على ضوء التوجيه القرآني نفسه : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ والضَّرَّاءُ وزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214] .
فجاء التوجيه النبوي ليربي القيادات على هذا المعنى: « ثم يجاء بمنشار فيوضع فوق رأسه؛ ثم يجعل بفرقتين ما يصرفه عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ما يصرفه عن دينه» .
